مجلس المجالس
الحادية عشرة صباحا من يومٍ عاديٍّ جدًا، والوالد يخطو بخطواتٍ ثابتة ومتأنية باتجاه مجلس أبي طارق بعد أن أوقف التسعاوي في الظل، وهذا أمر لا يحتمل التأخير وبيده المفاتيح والحذاية تبدو واضحة بينها، وقد نسف أحد أطراف الغترة، ودخل عليهم وكأنه عالم يقوم بزيارةٍ روتينية لأحدِ مختبراته يبدأ السلام على المستخدمين الجالسين في المدخل ويخص كل واحد منهم بتحية فيها درجة كبيرة من التقدير والتماثل سواءً كان سعوديا أو غير سعودي، وسنيًا أو شيعيًا. وفي هذه الأثناء نسمع بعض من في المجلس يهمهم قائلا: جاء أبو عوف أو أبو عبد الله، والبعض الآخر يرحب أو يطلق عبارات خاصة بينه وبين الوالد، ولكن يبقى صوت العم محمد بن عبد الوهاب مرتفعًا ومدويًا: يا هلا.. ياهلا.. ياهلا. وهي عبارة عن ترحيب ودعوة للوالد للجلوس بجانبه، والعم أبو طارق جالس ورافع رأسه للأعلى وقد وضع رِجْلًا على رجل، واستلقى في جلوسه إلى الوراء ثم يلتفت نصف التفاتةٍ إلى الوالد ويقول بصوت رخيم: كيف الحال يا بو عبدالله؟. ويرد الوالد: بخير الله يسلمك اشلونك اليوم. فيرد: بخير الله يعافيك.
في هذا المجلس يُستقبل فيه الأمير والوزير والشيخ الوقور وأحيانًا تجد أحد الظرفاء يرقص والجميع يصفقون ويهتفون، فالأدوار موزعة والسيناريو مفهوم لدى الجميع، والموسيقى التصويرية معدة سلفا، وعلى الرغم من أنَّ المرح والهزل حاضران في هذا المكان إلا أنَّ العمَ أبا طارق استطاع أن يجعل لنفسه ولهذا المجلس مكانة مرموقة على مستوى الأحساء، بل وخارجها وهو شخص ذائع الصيت ، جسمه وصوته ولبسه وحركاته جميعها توحي بأن بداخله موكبًا حافلاً بالهيبة والوجاهة.