لحفيــــّـــرة
الحفيُرة شمال السريع وابو ميركه في اواخر شهر مارس من عام 99م كان ابو الحارث هناك وقد اختار احد الطعوس مستقرا له خيمتان و سليمان و رحيم و كثير من الضان وقليل من الماعز و الوايت لصيق بهم باالاضافة الى بعض الاكسسوارات ، كفرات شطرت نصفين تستخدم معالف و الصحون ذات الكراسي علقت على الوايت وكأنها اجهزت تنصت تلتقط الاشارات عبر الاقمار الصناعية و شباك متحركة تستخدم لعزل الاغنام الصغار عن الكبار و الرضع عن غيرهم نعم هناك امكنه تذكر بأشخاص و هناك اشخاص تذكر بأمكنه و كذلك ابو الحارث و البر ولكن الصوره لم تكتمل بعد ولن تكتمل الا بحضور شخصيتين الاولى منظر و باحث وخبير في شؤن الاغنام والمعدات الثقيلة و الثاني اقرب الى القائد العسكري المتخصص في شؤن الازمات و الانتقال من مكان الى اخر علي و عبدالوهاب على التوالي ، غابة الشمس و ارخى الليل سدوله و تجمعنا حول النار لغرض التسلية لا الدفىء نأكل التمر ثم نحتسي القهوه و نشرب حليب الماعز و الحديث لا ينقطع و لا يتسع لاي موضوع اخر سوى الاغنام تأكيدا لبيت عنترة العبسي
هل غادر الشعراء من متردم ام هل عرفت الدار بعد توهم
حديث مستمر في اطار شديد من التكرار حول موضوع ثابت ماذا اكلت و ماذا شربت تساؤلات كثيرة و مثيرة ابو الحارث يتسائل بقلق وعبدالوهاب بحذر و علي بتفائل مفرط … فجأة نهض الجميع وشعرت ان النية مبيتة لعمل شيء ما طبعا له علاقة وطيدة با لأغنام سليمان بيده كشاف يبدوا انه مهندس الاضائه و عبدالوهاب يمسك بآله اعتقد انها صنعت في الايام الاولى من القرون الوسطى وهي عبارة عن سلك من الحديد الحاد تستخدم في قص قرون الاغنام المسكينة دخلنا الى الاستديو ( الشبك ) و امسكنا با الخروف المسكين ونفذ عبدالوهاب العملية بدقة متناهية و خرج قليل من الدم من قرون الخروف ولكن الجماعة اعتبروه امر عادي وان العملية تعتبر ناجحة بجميع المقاييس و الشخص الوحيد الذي لا يشاركنا الراي هو الخروف نفسه ، وعلى أي حال مرت العملية بسلام و بدون علم المنظمة العالمية بحقوق الحيوان والتي ليس لها وجود في هذا المكان من العالم ، ثم عدنا الى النار و استأنفنا نفس الحديث اما ابو الحارث فقد انفرد بمفرده و ذهب ليتفقد الاغنام والتي تجمعت في منطقة منخفضة ومنبسطة بالقرب منا وبها القليل من الاشجار الصغيرة والتي يمكن رؤيتها بالعين المجرده ، ابو الحارث يريد ان يتأكد من ان الاغنام قد اختارت مكانا مناسبا للمبيت ولاربما كان هناك شيء ما يجول في خاطره ، ونحن حول النار و عبدالوهاب كالعادة يتولى ادارة الجلسة وبين الحين والاخر يحاول علي التدخل في شؤنه بتحريك النار واثارة الدخان او بتغيير اي شي وضعه عبدالوهاب وعبدالوهاب ملتزم الصمت و مقطب الحواجب ولكن هذا لا يمنعه من الاستمرار في اداء دوره بطريقة فيها الكثير من الدقة والقليل من الاخطاء فحركاته في تناول الدلال و الفناجيل فيها تلقائية عجيبة حركات رصينه ومتزنه و غير مستعجله ابدا و لا متردده ، وفي تلك الاثناء سمعنا صوت شاه تتألم و تتضرم و تطلق الصيحة تلو الاخرى و كأنها تطلب النجدة من شدة الآم المخاض وابو الحارث بالقرب منها ومن خلال الظلام لا اكاد ارى سوى سيجارته تضيء جمرتها وتنخفض بقدر ما تتألم الشاة و اتجهنا جميعا الى بو الحارث بخطى بطيئة لكي لا تنفر الاغنام وهي في المبيت ، ابوالحارث قد شمر عن ساعديه ولف غترته حول راسه ونحن من حوله و كل ما قترب من الشاه اقتربنا بعدها قرر المجلس الاعلى للاغنام بأنها من الناحية الاكلينيكية تعتبر حالة ولادة متعسرة تتطلب التدخل السريع ثم امسك ابوالحارث برأسها و عبدالوهاب يحاول اخراج الجنين اما علي فقد تربع و امسك بأرجل الشاة الامامية وهو يقول انشاء الله فيها اثنين ثم عشنا ثواني معدودة من الصمت والترقب و فجأة قال عبدالوهاب انه ميت و كأن ثعبانا لسع ابوالحارث بعدها لم استطع متابعة ماذا حدث لان الامر مر بسرعة البرق و اندفع ابوالحارث واخذ مكان عبدالوهاب و بحركة خفيفة و سريعة اخرج الجنين الحي وهو يردد مقولة عبدالوهاب معاتبا قال ميت.. قال رددها عدة مرات ثم حمل الجنين بين ذراعيه وتبعته امه الى المكان المخصص للمواليد لقد كانت ليلة حافلة بالاحداث ابطالها مهندس مياه جيلوجي خريج جامعة توسان الامريكيه و ضابط بحري و دبلوماسي وجامعي درس المحاسبة يقفون على اعتاب القرن الواحد و العشرين عصر الاستنساخ و الانترنت و الفياجرا تجمعوا جميعا و ستخدموا كافة امكاناتهم العلمية و العقلية و قاموا بتوليد شاه و قص قرن خروف بعدها ركبنا السيارة و اتجهنا الى البيت و في الطريق مناقشات و اراىء حول ما جرى اليوم فالاغنام كأنها خلقت لنا و نحن خلقنا لها و في اليوم التالي عادة احدث الوالد بماذا جرى ليلة البارحة و هو يسمعني بمتعاض و علامات عدم الرضى لا تحتاج منك ذكاء لاكتشافها فالوالد يرى ان الاخوان يمارسون اعمال اقل بكثير من مستواهم العقلي و العلمي فهو يرى ان ابوالحارث بدلا من ان يكون وكيل وزارة تحول الى راعي غنم اما عبدالوهاب فالوالد يرى بان له دور اجتماعي كبير يضعه في مقدمة رجالات الاحساء و على أي حال فكلاهما با النسبة للوالد مثل الطيار الذي يملك طائرة ويصر على ان يتنقل بدراجة هوائية لناس فيما يعشقون مذاهب