رمضان في رحاب أمي وأبي :
وبيت والدنا بالحبِّ يجمعنا
ووجه والدتي في العيد وضَّاحُ
أين الذين تراب اﻷرض يعشقهم
فحيثما حطَّت اﻷقدام أفراحُ
أين الذين إذا ما الدَّهر آلمنا
نبكي على صدرهم نغفو ونرتاحُ
غادرت الرياض في إجازة قصيرة؛ تاركًا متاعبَ الحياة، وضجرها اليومي. حزمت أمتعتي بعد أن استفزني هاجسٌ يُحذرني من غرائزي وأهوائي الخادعة، وأن العاطفة شيء والواجبات الدنيوية شيء آخر وكلاهما ينفر من الآخر. فاتجهتُ إلى هجر؛ ذلك المكان الذي يقال إن ينابيعه قد نضبت، مع ذلك بقيت ينابيع الحنان في صدر أمي تزخر بعمقها وغناها وتنوعها.
عشتُ أيامًا لم أشعر فيها حتى بكاهلِ السنين على غاربي، واكتشفتُ أنني كبرت في غفلة عن أمي؛ فهي ما تزال تعاملني كطفلٍ كهل …! تعطيك في جملة واحدة ما يكفيك من حنان العمر بأكمله. (حياك الحيا) عبارةٌ تُرحِبُ بها إذا أقبلَ عليها أحدٌ منّا. أما أنا فكنت أتلذذ بكل لقمة تصنعها بيديها الحنونتين، وأتقربُ إلى الله بالنظر إلى نور وجهها، فتتلاشى كل المشاعر الخامدة بداخلي، وكلما أمعنُ النظر في وجهها أهيمُ كشابٍ تقي رقيق القلب، تعلق بأستار الكعبة متحريًا ليلة القدر؛ فأُبجل الله أكثر فأكثر، بل أدركت -لأول مرة- بأنَّ رمضان ليس مجرد صيام وقيام وتبادل التهاني برسائل الجوال. ثم تساءلت: لِمَ لا يثير فينا رمضان سوى هذا القدر الضئيل من المشاعر تجاه والدينا؟ فإذا كان هذا الشهر الكريم لا يكفي لإيقاظ نفوسنا نحوهما فأيُّ شيءٌ آخر يا تُرى …!
أما أبي فكنت أحيانا أجلس بجانبه قُبيل الفجر، وهو يتلو القرآن بنبرةِ صوتٍ شجيٍّ، ثم أسيرُ معه في الظلماتِ لصلاةِ الفجر. وأحيانا أجلس معه أتصفح صوري القديمة، وهو يحدثني عن طفولتي وصِباي، وعجبتُ كُلَّ العجب فقد بدت صوري شابًا مراهقًا بشعري الطويل وهيئتي غير المبالية، مع ذلك لا أذكر ابداً أن أبي كان يمطرني بوابل من النصائح، بل لم يكن حتى يرفع حاجبيه استنكاراً من أي عمل كنت أقوم به. ثم ضبطتُ نفسي -ذات يوم- متلبسًا بهذا السؤال؟! يا إلهي هل أستطيع أن أقدم هذا الشيءَ لأبنائي؟ فلم يكن جوابي مثبطاً ولا جالبًا للثقة، ولكن نحن -معشر الآباء الجدد- نبدو كأننا ما نزال أولادًا لكن كبار، نُزيّنُ حوائطَ منازلنا ومكاتبنا ببراويز شهادات؛ لنثبت لأنفسنا وللناس بأننا آباء متعلمين …! ولكن ما الذي تعلمناه من والدينا؟!. كان والدي -رحمه الله- هينًا لينًا راضيًا متسامحًا، لا يجادل على الرغم من أن لديه أصالة في الرأي، وقد صانه تواضعه عن الكثير من الزلل. يفوق حُبّه كُلَّ حُبٍّ؛ مكنون له في صدور الناس.. أين نحن من هذا كله …!؟
لقد اعدت بنا الى الماضي واوجعتنا
zmzm145071@
سلامتك من الوجع …
قرأت ما كتبت و دموعي تسابقني..
فقدت والدي قبل حوالي السنتين فقط و لا يأتي رمضان إلا و أتفقد ذكراه ..
رحم الله والدينا و أطال بعمر من بقى منهم بصحة و عافية
رحم الله والدي ووالديك يا سارة … الفُقد صعب ولكن هذه حال الدنيا و لا نملك إلا الدعاء لهما … شاكر ومقدر زيارتك للمدونة