هبايب … مطعم ابو ريال …
ذات يوم عند الظهيره عاد زيد من تقديم اختبار التوجيهي سالكا شارع الحب في الدمام، يمشي متمهلا بين الدكاكين المغلقه، واولاد الحي يتقافزون من هنا وهناك ينصب بعضهم شراكاً للاخر،باغته صوت ابو يعقوب صاحب الشقه مناديا من وراءه فاستدار اليه وهو يحاول اخراج قيمة الايجار من جيبه،فاعطاه الايجار فدسه يعقوب في جيبة بلا إكتراث ثم جذب زيد بطرف كِمّه ووشى في اذنه قائلا .. ! انفذ بجلدك يا زيد؟ وشو … ليه … ! ناصر خويك مسك وهو في قاعة الاختبار … مين الي مسكه .؟ مسكه الي مسكه … ما يندرى ..! يمكن تلقاه في سجن العبيد في الحسا.. انحش يا زيد واياك تروح لطف، اندس في أي مكان لا يُعرف … قبل قليل طرقوا علي الباب وسألوني عن من يسكن مع ناصر في الشقة، وهذولا الحكومه ما اقدر اخبي عنهم شي،وتراهم هالحين عندك فوق في الشقه وتراي علمتك …انا لازم اطلع الشقة واشوف وشي السالفه …! اسمع كلامي يا زيد لا تروح وتسلمهم نفسك … يا ابو يعقوب يقولون لا تخطي ولا تخاف … كم من بريء لم يخاف مع ذلك لم يسلم ..! انت ما قصرت بس انا متأكد إن ما علي تهمه … على العموم انا نصحتك وانت بكيفك …وجد زيد الباب مواربا فدخل الشقه،فرأى رجلان، فباغته الثالث الذي كان مندس وراء الباب وانقض عليه بكل شراسه ودفعه الى الحائط، محكماً قبضته على عُنقه، كاد ان ينقطع نفس زيد من شدة الاختناق، فدفعه برجله بكل قوته الى الوراء، فهوى مستلقيا على الارض، فلم يتماسك الرجل نفسه من شدة الغضب، فاخرج مسدسه من جيبه وهو يحاول النهوض قائلا : كمان تمد يدك على رجل الحكومه يا سافل يا منحط قالها بلهجة جداويه وهو يلتقط انفاسه محاولا النهوض … فقال له زيد : انا ما جيتك انت الي بديت، هذا الفرد في يدك، فرغه في راسي بس انتبه لا تمد يدك علي مره ثانيه … يا سلام مين حضرتك علشان ما امد يدي عليك ..! ولد الملك وإلا رحيموه ..قالها وهو متجعصاً ..! لا انا هذا ولا ذاك، انا زيد الثريا … بإشارة رجل كان يراقب المشهد هرع رجلان وحالا بينهما خوفا ان يشتبكا ودرأ لتفاقم الموقف، ثم اقترب منهم الرجل هوغضبان مخاطباً الذي اشتبك مع زيد وبصيغة الامر قال :خلاص يكفي قلبتوها هوشة ولعب عيال، اتركه الان واذهب انت وفتش غرفته، وقال للاخرين وانتما ايضا اذهبا فتشا غرفة ناصر وبقية الشقة. بدى لزيد ان هذا الرجل اعلاهم رتبه، له ملامح نجديه ونظرات توحي بانه يعرف كل شيء سلفا، حركاته متئده تنم عن ثقه بالنفس، ويتكلم كمن له خبره حياتيه. وقف امام زيد ينظر اليه بزهو واضعاً يديه على خاصرته، وينظر اليه باستصغار وبسخريه المتعالي،محدقاً في قامته الطويله وفي وملامحه الوسيمه، وشعره الكثيف الاسود المفروق من الوسط، فامسك بمعصم زيد فأحس الرجل بعروقه تنبض في راحته، ففضل ان يداريه بدلا من ان يعتدي عليه، خشية التورط في ردة فعل غير محسوبة، فقال له مستنطقا : اي من الثريا انت ؟ من الثريا اهل الطف …؟ يقرب لك سليمان الشاعر والوجيه المعروف … نعم جدي … ويش عرفك بناصر .. كلانا من اهل الطف .. ماهي علاقتكما بعبدالكريم .. تعرفت عليه عن طريق ناصر .. انت عضو في اتحاد شبه جزيرة العرب …؟ لا ولم اسمع بهم …ولا تعرف الجبهه الوطنية للاصلاح …؟ وذولا بعد طلاسم بالنسبة لي …! اكيد تؤيد من يقول ان حالة التسمم التي وقعت في مطعم ابو ربع ريال كان عملا مدبرا من قبل ارامكو ..؟ لا ابدا وليس لي علم بتلك الحادثه … شوف انت جالس تكذب لانك خائف، وتريد تخليص نفسك من الورطه التي انت فيها عن طريق الكذب … طيب قلي يا ولد الثريا كيف حصلت على مجلة الطليعه … اشتريتها من الزبير منذ اكثر من ثلاث سنوات … اوه تسذا … يعني شغال تهرب ممنوعات بعد ..؟ لا ما كنت ناوي اجيبها اصلا، بس نسيت وحطيتها في الشنطه … ليقنا كتاب صرخة في جوف الكعبه في غرفة ناصر ايش تعرف عن هذا الكتاب ..؟ ما ادري اسأل ناصر … وماذا عن مجلة الفجر الجديد واخبار الظهران كيف حصلت عليهما ؟ لا ادري ربما اتا بهما احد الاصدقاء وتركهما هنا …انا قايل لك انك تذيهن، بس شوف ذهانتك وين بتوديك… لي حساب معك بس اصبر علي اشوي … ثم انصرف ليتابع تفتيش الغرف … في هذه الاثناء لاحظ زيد بان الباب لا يزال موارباً، فجال ببصره يترقب اللحظه المناسبه للهرب، وبكل خفه التقط شماغه وطاقيته باصابع قدمه من الارض، ثم رفع ثوبه واندفع مسرعا نحو الباب، فتعقبه احدهم في السلم فتخلص منه زيد وولى مسرعا في الشارع، لم يطارده الرجل، فطبيعة العمل السري لهؤلاء لا تسمح لهم بمطاردت الناس علناً في الشوارع… واصل زيد الركض، يُفْرق الناس، ويدفع بذراعيه كل من لا يُفسح له الطريق، فلم يتوقف إلا عند موقف التكاسي، فركب اول سيارة اجره متجهه الى الاحساء كانت بانتظار راكب واحد. فزج زيد بنفسه مع الركاب وهو يلتقط انفاسه ثم سأل زيد السائق بعد ان اختفى اثر المدينة،كم يبعد الاحساء ؟ فقال يبي لنا ثلاث ساعتين واشوي .. فامتعض زيد عندما تذكر ان سجن العبيد السيء السمعه يقبع فيها، ولكن لم يعد لديه حيله، ثم التفت السائق الى الركاب قائلا .. معكم توابعكم ؟ ترى فيه مركزين التفتيش الاول عند قونان والثاني عند مصنع الاسمنت قبل الحسا بشوي … رد الجميع بالايجاب وكذلك زيد الذي تصاعد القلق لديه فتابعيته قد اخذوها منه …