مقدمه : الطف واوراق الشيح ..
من اقاصي الذاكرة ومن كهوف التاريخ، تروى حكايات واسرار رُسمت بريشة فنان مُغمض العينين، عن بلدة حالمة، ظلت شاهد عيان على وادي الرمة يمخر كثبانها الرملية،أو كلما مالت الشمس على أغصان الغضا واوراق الشيح . مصاحف و اوراق و ريشة نعام و محبرة٬ بستان و بير ونخيل تتمايل و سور و مقبرة. بلدة تصحو وتنام على قرع القوافل وضجيجها٬ وعلى همس القوافي ونظمها. القادم إليها يسمع عبارات الترحيب اكثر من اي مكان اخر … ويلحظ التوق المعرفي المتجذر في قلوب أناس يشكلون نسيجا اجتماعياً خاصاً و توليفة متميزة من العوائل العريقة في قلب نجد. يتمتعون بخواطر ذكية، فيها دفء وود وانسانيه، هي أقرب إلى التسامح والانفتاح منها إلى التشدد السائد في محيطها. لم يكن (زيد الثريا) كبيراً بما يكفي لكي يكون شاهدا على ما كان يجري، كما لم تمهله قدماه الصغيرتان السير في بساتينها الجميلة والتسكع في زوايا أزقتها الترابية.
فعلى الرغم من ان حلمه وطموحه كان لا يزال يحبو، إلا أنه قد سمع وعَرف عن شيء إسمهُ المحدار (السفر) وعن رجال اشداء قادتهم اقدامهم الى خارج المكان… وكما يُقال : في الطف كل شيء يُعرف.